قصة نجاح: نورهان – من التجربة الشخصية إلى مناصرة الآخرين

لم تكن تجربة الإعاقة سهلة على نورهان، الفتاة الجامعية ذات الثلاثين عامًا، التي وجدت نفسها فجأة في عالم جديد بعد أن تعرضت لمضاعفات صحية أدى إلى بتر تحت الركبة. تقول:

“كان عالم الإعاقة جديدًا بالنسبة لي… لكنني جاهدت لأعيش حياة طبيعية.”

لم تكن تدري أن هذه التجربة الصعبة ستقودها إلى اكتشاف شغف جديد… شغف بالتمكين والمناصرة. عندما التحقت بورشة العمل التدريبية التي نفذتها مؤسسة رووم لإعمار الأرض ضمن مشروع “دمج النساء ذوات الإعاقة في الحياة العامة” وبدعم من منظمة مبادرة مسار السلام، لم تكن تتوقع أن تخرج منها بشخصية جديدة، أكثر وعيًا وثقة.

“زادت ثقتي بنفسي وأصبح لدي هدف يتلخص بدعم الشخص المعاق وزيادة ثقته بنفسه”

تقول نورهان إن حياتها قبل التدريب كانت محاطة بالعزلة، وكانت تجهل الكثير من الحقوق التي يجهلها معظم الأشخاص ذوي الإعاقة. لكن بمجرد التحاقها بالورشة، اكتشفت حجم الإمكانات التي تمتلكها، واكتسبت أدوات جديدة مكنتها من التعبير عن قضاياها، وخاصة تقنيات الاتصال، والاقناع، وصياغة رسائل المناصرة، وهي أمور لم تكن على معرفة كافية بها من قبل.

خلال الورشة، تعمقت نورهان لأول مرة في أدوات المناصرة وفنون التواصل والحوار، وتعلمت كيف تبني حملة مناصرة لقضية تؤمن بها.

“كان لدي خلفية بسيطة، لكني الآن أدركت أهمية الأدوات التي حصلت عليها… وأصبحت قادرة على صياغة قضية وخطة واضحة لدعمها.”

هذا التدريب لم يكن مجرد نشاط عابر، بل كان نقطة تحوّل. فقد ساعدها في تحسين مهاراتها العملية، بدأت فعلاً باستخدام ما تعلمته في مكان عملها الصناعي لنقل رسائل الدعم لزملائها من ذوي الإعاقة، مستخدمة مهارات التواصل التي اكتسبتها لتقديم الدعم للآخرين.

لكن الأثر الأعمق للتدريب كان في وعيها بحقوق ذوي الإعاقة، وبخاصة الأمهات مثيلاتها. تقول:

“كنت أشعر أنني غير قادرة على رعاية طفلي الصغير… اليوم أدركت أهمية أن اقدر نفسي فقد أصبحت أعمل وأعتني به، وأطالب بحقوقي وحقوق من هم مثلي.”

 

خلال التدريب، تأثرت نورهان بشدة بزميلاتها في الورشة، لا سيما من حصلن على درجات الماجستير والدكتوراه رغم إعاقتهن بالأخص الإعاقة السمعية والبصرية. فقد شعرت نورهان بفخر كبير لانتمائها إلى مجموعة من النساء القويات ذوات الإعاقة، اللاتي تحدين ظروفهن وأثبتن أن الإعاقة ليست نهاية الطريق. تقول: “ما تعلمته من المتدربات الأخريات ألهمني، فقد استطعن الوصول إلى درجات علمية عليا” “شعرت بالفخر… وتأكدت أنني قادرة على الاستمرار، وربما أكمل دراساتي العليا.”

تطمح نورهان اليوم لأن تصبح صوتًا لقضية ذوي الإعاقة في مجتمعها. وتفكر في مبادرات لتوعية الأسر بأهمية دعم أطفالهم المعاقين، وتطرح حلولًا لتحسين البنية التحتية فبادرت مع مجموعتها إلى تقديم فكرة حول “توفير طرق وممرات آمنة لذوي الإعاقة الحركية والبصرية”، وبدأت تشكل شبكة دعم مجتمعية لقضية مناصرتها، مدفوعة بإحساس بالمسؤولية تجاه من يشبهها في المعاناة والطموح.

نورهان لم تعد فقط امرأة تسعى للتأقلم مع واقعها الجديد؛ لقد أصبحت نموذجًا مُلهمًا لكل من يخوض رحلة التحدي بعد الإعاقة. تقول في ختام قصتها:

“أتمنى أن تستمر هذه الورش لفترة أطول… وأن تدعم الجهات المانحة مثل هذه البرامج، لأنها تحدث فارقًا حقيقيًا في حياتنا.”

Scroll to Top